بسم الله الرحمن الرحيم ...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأنا أقرأ في كتاب< جامع مسائل النساء من فتاوى ومسائل فضيلة الشيخ الألباني< انتقاها وجمعها ورتبها وشرحها : عمرو عبد المنعم سليم. استوقفني هذا الحكم فأحببت أن أطرحه بين أيديكن لتعم الفائدة وينتفع به.
س- هناك شابة تقول بأنه قد تقدم لها رجل مستقيم على الشرع, ولكن أباها رفض وحلف يمينا بأن يتبرأ منها إلى يوم القيامة إذا تزوجت بشاب متدين -عياذا بالله- علما بأنه يتقدم لخطبتها كثير من الشباب غير المتدينين ,هل تعتبر هذه الفتاة آثمة إذا قبلت بشاب غير مستقيم وهي مستقيمة؟ وهل تكون خالفت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم الزواج ممه ترضى دينه وخلقه؟
ج- لا يجوز لذلك الوالد أن يحلف ذلك اليمين عليها لأنها يمين آثمة, وهي لو استطاعت أن تتزوج بطريق القضاء الشرعي فلا إثم عليها أن تتزوج بالشاب المتدين*
وعلى مثلها أن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي, لما إذا جد الجد وأقدم الشاب على التزوج بها وهو صالح مستقيم -كما جاء في السؤال- ولكن أباها يأبى أن يزوجها به, فعليها أن تشكو وأن ترفع أمرها إلى القضاء الشرعي, في هذه الحالة يتولى القاضي الشرعي تزويجها بالشاب بعد أن يستجوب أباها ويفهم منه أن امتناعه ليس لسبب شرعي, ففي هذه الحالة يتولى القاضي الشرعي نيابة عن أبيها أن يزوجها بذلك الشاب الصالح المستقيم, ولا إثم عليها في هذه الحالة وإنما ذلك الأب إنما إثمه على جنبه.
[u]
*هذا هو الأصل في مثل هذه المشكلات, لا كما يفعل البعض من الخروج عن طوق الأسرة والزواج بمن يريد -أو تريد- في السر أو في غياب الأهل, بل الأولى من ذلك أن تزع أهلها وأولياءها عن منعها حقها الشرعي بالقضاء والسلطان, كما وقع في حادثة الخنساء بنت خذام الأنصارية رضي الله عنها أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه :البخاري 3 /250./
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته قال: فجعل الأمر إليها فقالت: قد أجزأت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيئ
أخرجه ابن ماجة 1874 بسند صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد 5/96 :
"يوجب هذا الحكم أنه لا تجبر البكر البالغ على النكاح, ولا تزوج إلا برضاها ,وهذا قول جمهور السلف ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه, وهو القول الذي ندين الله به ولا نعتقد سواه ,وهو الموافق لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأمره ونهيه وقواعد شريعته ومصالح أمته ".
قلت: ولكن لا يحل لهذه المرأة أبدا أن تزوج نفسها كما يفعله بعض النساء, فالولي شرط لصحة النكاح
كما قال عمر رضي الله عنه:" لا نكاح إلا بولي وشاهي عدل "
أخرجه المزني في حديثه 404 بسند صحيح.
فإذا لم يزوجها وليها من الرجل الصالح, فلها أن تزوج بولاية السلطان أو من يقوم مقامه من القاضي ونحوه, كما قال صلى الله عليه وسلم:" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ...فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له "
أخرجه أحمد والأربعة بسند صحيح كما بينته في إعلاء السنن: 75
وعن عمر قال:" لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان"
أخرجه الدارقطني في السنن 3/229 بسند صحيح.